"أنت تغامر حول حلم كاذب.. أورشليم أرض عربية يا صاحب الجلالة"، واحد من أقوى المشاهد فى تاريخ السينما المصرية جمع النجمين القديرين أحمد مظهر وحمدى غيث فى فيلم "الناصر صلاح الدين"، فلم تكن السينما المصرية غائبة عن التعبير عن هموم المواطن العربى وقضاياه منذ نشأتها وعلى رأسها أرض فلسطين التى كانت دومًا مطمعًا للجيوش الاستعمارية بداية من الحملات الصليبية وأخيرًا جيش الاحتلال الإسرائيلى، واختلفت أشكال المساندة والدعم لفلسطين فى السينما المصرية، ما بين حرق العلم الإسرائيلى وتجسيد مشاهد تظاهرات رافضة لسياسة القمع التى يمارسها جيشهم ضد شعب أعزل، والتعبير عن شعور المواطن المصرى البسيط تجاه القضية الفلسطينية، وظلت عدد من المشاهد راسخة فى الوجدان جسدها نجومنا ومخرجونا ببراعة ومازالت حتى الآن لم تفقد قدرتها على التعبير عن موقف الشعب العربى تجاه قضيته.
الفيلم من إنتاج 1957 وفيه يلتقى المناضل المصرى أحمد "عمر الشريف" بسلمى "فاتن حمامة فى إحدى القرى بفلسطين ويحاولان إنقاذ الفلسطينيين وتحرير قريتهم من سيطرة الإسرائيليين، الفيلم من تأليف حلمى حليم وإخراج كمال الشيخ، يصور الفيلم معارك الفدائيين من أجل تحرير فلسطين والصعوبات العديدة التي يلاقونها من نسف خزانات الوقود. وبعد انتهاء أي عملية يعود أحمد مع سلمى دون أن يتمكن الإسرائيليون منهما.
رغم تصنيفه فيلمًا كوميديًا، كانت للقضية الفلسطينية نصيب من أولى البطولات المطلقة للنجم محمد هنيدى حين أشعل النار فى العلم الإسرائيلى فى مشهد من فيلم "صعيدى فى الجامعة الأمريكية" وهو المشهد الذى اعترضت عليه السفارة الإسرائيلية، إذ ظهر بعض الشباب وهم يحرقون علم إسرائيل داخل الجامعة الأمريكية احتجاجًا على الاحتلال الصهيونى وممارساته.
وفى فيلم "همام فى أمستردام" الذى أنتج عام 1999، تضمنت أحد مشاهده شجارًا بين مجموعة من الشباب العربى المغترب فى العاصمة الهولندية أمستردام، ليسارع شاب فلسطينى لإسماعهم أغنية "الحلم العربى" فى محاولة منه لإنهاء هذا الشجار وبالفعل تنهى الأغنية الخلاف بين الأصدقاء أو الأشقاء بالمعنى الأشمل.
وفى أولى تجارب المخرج خالد يوسف الإخراجية "فيلم العاصفة"، كانت القضية الفلسطينة حاضرة بقوة، ففى أحد المشاهد للنجوم يسرا وهشام عبد الحميد وحنان ترك، أشعلوا النار فى العلم الإسرائيلى، فى مشهد صفقت له الجماهير داخل قاعات السينما، وبعدها عقد أبطال الفيلم ندوة للتضامن مع أطفال الحجارة، ما أدى إلى حجب الجائزة الكبرى عنه فى مهرجان سان فرانسسكو واتهم بالعنصرية والتحريض على الشعب الإسرائيلي.
تطرق فيلم "أصحاب ولا بيزنس" الذى أنُتج عام 2001، للانتفاضة الفلسطينية، إذ تدور أحداثه عن كريم "مصطفى قمر" وطارق هانى سلامة، الإعلاميين بقناة ترفيهية يديرها أدهم "سامى العدل" يتنافسان على حملة إعلانات ضخمة لإحدى شركات الملابس لكن ميعاد الترشيحات تصادف مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية واستشهاد الطفل محمد الدرة، فتحدث مشكلة بين الصديقين لكن يقرر أدهم إرسال كريم لتسجيل برنامج عن الانتفاضة كعقاب له، فيغضب من الرحلة فى البداية إلا أنه يتعرف على الفدائى "جهاد" الذى يصحبه خلال رحلته فى الأراضى الفلسطينية ثم يقوم بعلمية استشهادية يصورها كريم، وبعد عودته للقناة أراد عرضها فى القناة لكن يرفض أدهم عرضها بحجة أنها لا ترق لمحتوى القناة.
يعود المهندس شريف خيرى "عادل إمام" من العمل فى دولة الإمارات إلى منزله فى القاهرة ليكتشف وجود السفارة الإسرائيلية فى الشقة المواجهة لمنزله فى نفس المبنى الذى يقطن فيه وهنا تكون نقطة تحول له من شخصية غير مبالية وغير متعلقة بالسياسة إلى شخص مناوئ لإسرائيل ورمز شعبى خاصة بعد استشهاد الطفل الفلسطينى إياد ابن صديقه أثناء الانتفاضة الإسرائيلية، ومن أشهر مشاهد الفيلم ذلك الذى عاد بطله من الخارج ليجد أعضاء السفارة الإسرائيلية ومواطنيها قد استطونوا شقته ليصرخ فى وجوههم: "برة" .
هذه الأفلام لم تكن الوحيدة التى ناقشت ودعمت القضية، فهناك أفلام نادية 1949، أرض الأبطال 1953، الله معنا 1955، ناجى العلى 1992، بركان الغضب 2004، باب الشمس 2004 .